تأجيل مباريات تكوين مفتشي التعليم – دورة 2025: الخلفيات، التداعيات، والتطلعات المستقبلية
مقدمة :
في خطوة اعتبرها الكثير من المهتمين بالشأن التربوي والتعليم بالمغرب ذات دلالات عميقة، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن تأجيل مباريات ولوج مسالك تكوين مفتشي التعليم – دورة 2025. وقد جاء هذا القرار في بلاغ رسمي صادر بتاريخ 14 أبريل 2025، وأشار إلى ارتباط هذا التأجيل بتنزيل مقتضيات المرسوم رقم 2.24.140 الصادر بتاريخ 23 فبراير 2024، المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة.
هذا المقال يحاول الإحاطة بالموضوع من كافة جوانبه، مستعرضًا السياق القانوني والتنظيمي للقرار، الأسباب المحتملة، التحديات المرتبطة به، إضافة إلى التأثيرات المتوقعة على المترشحين والمنظومة التربوية ككل.
أولاً: السياق العام للقرار
1. الإصلاح الشامل للنظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية
منذ سنوات، انخرطت الوزارة في مسلسل إصلاح شمولي يهدف إلى توحيد النظام الأساسي لموظفي التربية والتعليم، بما يضمن العدالة، الجاذبية، وتحفيز الكفاءات. وقد تَوَّجَ هذا المسار بصدور المرسوم رقم 2.24.140، الذي أحدث تغييرات جوهرية في الهيكلة الإدارية، ومسارات الترقية، والتكوين المستمر، وهو ما استدعى إعادة النظر في مباريات التوظيف، لا سيما تلك التي تتعلق بتكوين المفتشين، نظرًا لحساسيتهم وأهمية دورهم الرقابي والبيداغوجي.
2. مركزية دور المفتشين في تأطير وتحسين جودة التعليم
لا يخفى على أحد أن المفتش التربوي يُعد حلقة محورية في تحسين جودة العملية التعليمية. فهو لا يقوم فقط بمهام المراقبة والتتبع، بل يساهم في تكوين الأساتذة، تقييم البرامج، وضمان الالتزام بالمناهج الوطنية. لذلك، فإن كل تأخير أو تغيير في آليات تكوينه يجب أن يُدرس بعناية.
ثانياً: تفاصيل البلاغ الوزاري
جاء في البلاغ أن الوزارة، ارتباطًا بتنزيل مقتضيات النظام الأساسي الجديد، قررت تأجيل إجراء مباريات ولوج مسالك تكوين مفتشي التعليم – دورة 2025، والتي كان من المزمع إجراؤها يوم السبت 19 أبريل 2025.
كما أكد البلاغ أن التاريخ الجديد سيُعلن لاحقًا، مما يشير إلى أن الأمر لا يتعلق بإلغاء المباريات، وإنما بتحيين وضبط مساطر تنظيمها في ضوء المستجدات التشريعية.
ثالثاً: أسباب التأجيل – قراءة تحليلية
1. ملاءمة المناهج والمساطر مع النظام الجديد
من المرجح أن الوزارة تسعى إلى تكييف مضامين التكوين ومجالات المباراة مع مضامين المرسوم الجديد، سواء من حيث الكفايات المطلوبة، أو مكونات الامتحانات الكتابية والشفوية.
2. إعادة النظر في شروط الولوج والتصنيف الجديد
النظام الأساسي الجديد قد يكون أعاد ترتيب درجات وهيئات التفتيش، ما يستدعي مراجعة شروط الترشح، سنوات الأقدمية، أو حتى المؤهلات المطلوبة، لتكون أكثر انسجامًا مع الهيكلة الجديدة.
3. ضغط التزامات الإصلاحات التربوية الكبرى
من جهة أخرى، تعيش الوزارة حاليًا دينامية كبيرة على مستوى تنزيل مشاريع القانون الإطار للتعليم، ومن ضمنها تعميم التعليم الأولي، إصلاح المناهج، وتوسيع العرض المدرسي، ما قد يبرر تأجيل بعض المواعيد التنظيمية لضمان جودة التحضير لها.
رابعاً: تداعيات القرار على المترشحين
1. ارتباك نفسي ومهني
بالنسبة للعديد من الأطر التعليمية الذين كانوا يستعدون للمباراة، قد يُخلف هذا التأجيل نوعًا من الإحباط أو الغموض، خاصة بالنسبة للذين كانوا يراهنون على المباراة كفرصة للتطور المهني وتحقيق الاستقرار الوظيفي.
2. فرصة إضافية للتحضير
في المقابل، يمكن النظر إلى هذا التأجيل باعتباره فرصة إضافية للمراجعة والاستعداد، خاصة إذا رافقته الوزارة بإرشادات واضحة حول محاور المباراة الجديدة.
3. الحاجة إلى التواصل الشفاف
يبقى الأهم هو الوضوح والشفافية في تواصل الوزارة مع المترشحين، وإصدار توضيحات بشأن التعديلات المرتقبة، سواء في محتوى المباراة أو في شروط اجتيازها.
خامساً: أهمية تكوين المفتشين في المنظومة التعليمية
1. دورهم في تفعيل الإصلاحات التربوية
كل إصلاح تربوي ناجح يحتاج إلى قيادة ميدانية قوية، والمفتشون هم العمود الفقري لهذه القيادة. فهم من يتابع تنفيذ البرامج، يقيم أداء الأساتذة، ويقترح الحلول التربوية الكفيلة بتجاوز التعثرات.
2. تكوين نوعي رافعة للجودة
إن تأجيل المباراة بهدف تحسين محتواها وتنظيمها، يعكس رغبة الوزارة في الرفع من جودة التكوين، وتخريج مفتشين بمواصفات جديدة، قادرة على الاستجابة لتحديات المدرسة المغربية في القرن 21.
سادساً: توصيات مستقبلية
1. إصدار دليل مرجعي جديد للمباراة
من المهم أن ترافق الوزارة تأجيل المباراة بـدليل مرجعي موجه للمترشحين، يوضح محاور الامتحان، المعايير البيداغوجية، وأهم المراجع المعتمدة.
2. تنظيم ندوات تكوينية للمترشحين
يمكن للوزارة أو الأكاديميات الجهوية تنظيم لقاءات عن بعد أو حضورية لشرح مضامين النظام الأساسي الجديد، وتأطير الأساتذة الراغبين في اجتياز مباراة التفتيش.
3. اعتماد مبدأ التدرج في التنزيل
ينبغي ألا يتم تنزيل النظام الجديد بشكل فجائي، بل تدريجيًا، بما يضمن استقرار المسارات المهنية الحالية، ويتيح التكيف السلس مع التغييرات.
خاتمة :
إن قرار تأجيل مباريات ولوج مسالك تكوين المفتشين التربويين، رغم كونه مفاجئًا للبعض، يعكس رغبة الوزارة في التريث وضبط مساطر دقيقة تتماشى مع روح الإصلاح الجديد. ورغم التحديات التي قد يُخلفها هذا التأجيل، إلا أنه يُعد فرصة سانحة لإعادة التفكير في أدوار وهيكلة التكوين في مجال التفتيش التربوي، وجعلها أكثر ملاءمة مع التحولات التربوية الراهنة.
يبقى الرهان الأكبر هو تثبيت الثقة بين الوزارة والأطر التربوية، من خلال الوضوح في التواصل، والحرص على احترام مبدأ تكافؤ الفرص، وضمان استمرارية تكوين كفاءات قادرة على الرفع من جودة التعليم، وتحقيق أهداف المدرسة المغربية الحديثة.
لتحميل البلاغ الإخباري الصادر عن الوزارة بخصوص الموضوع من هنا :