مواكبة التلاميذ وتشجيعهم على التسجيل في منصة الدعم التربوي بالمغرب: رافعة لتحقيق الإنصاف والجودة في التعليم

مقدمة :

في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها قطاع التربية والتعليم بالمغرب، وفي سياق تنزيل مقتضيات القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، تبرز الحاجة الماسة إلى تطوير آليات الدعم التربوي وضمان استفادة أوسع لفائدة التلميذات والتلاميذ، خصوصًا في ظل التحديات المرتبطة بالتعلم عن بعد ومحدودية الدعم التقليدي. ومن هذا المنطلق، تأتي مبادرة إحداث منصة الدعم التربوي، كرافعة جديدة تهدف إلى تعزيز التعلمات، سد الثغرات، وتقوية مكتسبات المتعلمين بجميع المستويات والأسلاك التعليمية.

السياق العام لإحداث منصة الدعم التربوي :

يأتي إحداث منصة الدعم التربوي تماشياً مع توجهات وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمغرب، الرامية إلى إدماج الوسائط الرقمية في العملية التعليمية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين. وقد استندت هذه المبادرة إلى مرجعيات وطنية مهمة، أبرزها القانون الإطار 51.17، الذي ينص صراحة على تطوير بدائل تربوية مبتكرة لدعم التعلمات، والمذكرة الوزارية رقم 0859/25 بتاريخ 25 مارس 2025، بالإضافة إلى مرسوم رقم 2.20.474 الصادر في 15 محرم 1443 (24 غشت 2021)، والذي يُعنى بتنظيم التعلم عن بعد كخيار تربوي معترف به رسمياً.

لمعاينة لمعاينة البلاغ كاملا يمكنك تحميل الملف أسفله:

أهمية مواكبة التلاميذ وتحفيزهم على التسجيل :

تكتسي عملية مواكبة التلاميذ وتشجيعهم على التسجيل في المنصة أهمية قصوى، بالنظر إلى عدة اعتبارات، منها:

  • محاربة التعثر الدراسي: تساهم المنصة في رصد نقاط الضعف لدى المتعلمين، وتقدم مسارات دعم فردية وموجهة بناءً على احتياجات كل تلميذ.
  • تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص: توفر المنصة محتويات تعليمية رقمية متاحة للجميع، بما يساعد على تقليص الفوارق التعليمية بين المتعلمين في مختلف الجهات.
  • تعزيز استقلالية المتعلمين: بفضل موارد المنصة، يمكن للمتعلمين تنمية مهارات التعلم الذاتي والتفاعل مع المحتويات التربوية بطريقة مرنة ومستمرة.
  • مواكبة التطور التكنولوجي: يشكل الاعتماد على منصة الدعم التربوي خطوة نحو تأهيل المدرسة المغربية لمتطلبات العصر الرقمي

آليات التسجيل والاستفادة من منصة الدعم التربوي :

حددت المراسلة الأكاديمية المسار الرسمي للتسجيل في المنصة عبر البوابة الرقمية: telmidtice.men.gov.ma

وقد دعت السلطات التربوية إلى تعبئة الأطر التربوية والإدارية من أجل:

  • تحسيس التلميذات والتلاميذ بأهمية التسجيل والاستفادة من خدمات المنصة.
  • إعداد قوائم بأسماء المستفيدين المحتاجين إلى برامج دعم ومراجعة، مع منح الأولوية للحالات المستعصية.
  • تقديم التوجيه اللازم ومرافقة المتعلمين في عملية إنشاء الحسابات وتفعيلها.
  • متابعة مدى استفادة التلاميذ من الموارد التربوية الرقمية المتاحة داخل المنصة.

مميزات منصة الدعم التربوي:

تقدم المنصة جملة من المزايا التي تجعل منها أداة تربوية حديثة وفعالة، نذكر منها:

  • تنوع الموارد: تتضمن المنصة دروسًا مشروحة، تمارين تطبيقية، فيديوهات تعليمية، واختبارات تقييمية، تغطي مختلف الأسلاك الدراسية.
  • سهولة الاستخدام: تم تصميم المنصة بواجهة بسيطة وسهلة التصفح، ما يجعلها ملائمة لجميع الفئات العمرية.
  • مرونة التعلم: يمكن للمتعلمين الولوج إلى المحتويات في أي وقت ومن أي مكان، مما يتيح التعلم وفق الوتيرة الخاصة بكل فرد.
  • تحديث مستمر للمحتويات: يتم تحيين الموارد التعليمية باستمرار لمواكبة المستجدات التربوية والمناهج الرسمية.
  • دعم التعلم الذاتي: توفر المنصة آليات لتشخيص مكتسبات المتعلمين واقتراح مسارات دعم ملائمة.

التحديات المرتبطة بتفعيل المنصة :

رغم المزايا العديدة لمنصة الدعم التربوي، إلا أن عملية تفعيلها تواجه بعض التحديات التي ينبغي التعامل معها بحكمة، ومن أبرزها:

  • الفجوة الرقمية: لا تزال بعض المناطق تعاني من ضعف تغطية الإنترنت أو نقص في الأجهزة الإلكترونية، مما يحرم بعض التلاميذ من الاستفادة الكاملة.
  • ضعف الوعي الرقمي: يحتاج بعض التلاميذ، خصوصاً في المستويات الدنيا، إلى مرافقة إضافية لفهم كيفية استخدام المنصة.
  • تفاوت الدافعية الذاتية: تختلف مستويات الحافز لدى التلاميذ، مما يتطلب إجراءات تحفيزية مبتكرة للحفاظ على التفاعل المستمر مع المنصة

أدوار الفاعلين التربويين في إنجاح المبادرة :

يلعب الفاعلون التربويون، من مديرين، ومديرات، وأساتذة، ومستشارين تربويين، أدواراً محورية لضمان تحقيق أهداف المنصة، ومن أبرز المهام المطلوبة منهم:

  • التحسيس والتواصل: تنظيم لقاءات تحسيسية لفائدة التلاميذ وأولياء أمورهم حول أهمية الانخراط في المنصة.
  • الدعم الفني: مساعدة التلاميذ على تخطي الصعوبات التقنية التي قد تعترضهم أثناء عملية التسجيل أو الولوج للموارد.
  • المرافقة التربوية: تتبع مدى تقدم التلاميذ في استعمال المنصة، وتقديم الدعم التربوي المباشر كلما دعت الحاجة.
  • تشجيع المبادرات التلاميذية: تحفيز التلاميذ على اقتراح حلول لتحسين تجربتهم الرقمية، مما يعزز روح المبادرة والانخراط.

آفاق تطوير تجربة الدعم التربوي الرقمي :

من أجل ترسيخ تجربة الدعم الرقمي وجعلها دعامة أساسية ضمن منظومة التعليم الوطنية، يمكن اعتماد مجموعة من التدابير المستقبلية، منها:

  • توسيع نطاق الموارد الرقمية: إنتاج محتويات تعليمية متخصصة حسب الخصوصيات الجهوية والثقافية للمتعلمين.
  • تعميم الربط بالأنترنت والأجهزة الإلكترونية: إطلاق برامج دعم اجتماعي لتمكين جميع التلاميذ من الوسائل اللازمة للاستفادة الرقمية.
  • تعزيز التكوينات الرقمية للأطر التربوية: تنظيم دورات تكوينية مستمرة لتقوية الكفاءات الرقمية لدى الأساتذة والمديرين.
  • إرساء آليات تقييمية: تطوير مؤشرات لقياس أثر المنصة على تحسين نتائج التعلم وضمان جودة الخدمات المقدمة

خاتمة :

تمثل منصة الدعم التربوي بالمغرب خطوة استراتيجية نحو تعليم أكثر إنصافًا وجودة وابتكارًا. غير أن نجاح هذه المبادرة يظل رهينًا بانخراط جماعي ومسؤول من كافة المتدخلين، بدءًا بالتلميذ، مرورًا بالأسرة، وانتهاءً بالأطر التربوية والإدارية. فبتضافر الجهود، يمكن تحويل هذه التجربة الرقمية إلى دعامة أساسية لإعداد جيل مواطن، كفء، ومتمكن، وقادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة واقتدار.